الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
تفسير سورة الكهف
45209 مشاهدة print word pdf
line-top
شرط الخضر لاصطحاب موسى

فعند ذلك قال لموسى إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا أي: لا تقدر أن تصبر على ما تراه من التصرفات، التصرفات التي تكون مخالفة لما هو ظاهر، إذا كان ذلك التصرف منكرا ظاهرا يستنكر في كل النفوس، ولكن للخضر عذر في هذه التصرفات، فلذلك عرف بأن موسى لا يصبر على ما يراه.
فعند ذلك قال موسى سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا هكذا وعده بأنه يصبر، ولكن يكون ذلك بمشيئة الله، رد الأمر إلى مشيئة ربه لأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ما جزم وقال: سوف أصبر، بل قال: إن شاء الله سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا أي: أصبر وأتحمل ما آراه، وما أنكره في الظاهر.
وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا هكذا أيضا اعترف بأنه يطيع الخضر ولا يعصيه، إذا قال له افعل كذا وكذا.
فعند ذلك قال له وأرشده الخضر وقال: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا إذا اتبعتني، وفعلتُ شيئا، ورأيتَ شيئا مخالفا لما هو عليه الواقع، أو لما هو معروف عندك؛ فإياك أن تنكر، وإياك أن ترد هذا الأمر، وتقول: هذا منكر، أو هذا خلاف ما يعرفه ذوو الأفهام. اصبر، وتحمل، ولا تعجل بالإنكار، حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا حتى أخبرك بالسبب الذي فعلتُ له ذلك الشيء، هكذا أمره، ولكن حكى الله تعالى عن موسى أنه لم يصبر على ما رآه مما هو خلاف لما يعلمه، ولِمَا ظهر له.

line-bottom